[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
علق مصري بسيط أمام كاميرات التلفزة على ما يجري في القاهرة من ثورة عفوية على دكتاتور النيل بالقول: «هذا هو أول مسلسل تونسي يعرض في القاهرة»، في إشارة ساخرة ومعبرة في آن إلى تأثر المصريين بثورة التونسيين ضد الرئيس المخلوع زين العابدين بنعلي.
مئات الآلاف من المصريين جلهم شباب يصرخون منذ 5 أيام بصوت واحد في كل أصقاع البلاد: «مبارك ارحل»، ومبارك لم يفهم الرسالة بعد، مازال مصرا على اللعب في الوقت الضائع، ومازال لم يستوعب بعد الحقيقة المرة والعارية وهي أن اللعبة انتهت، كما يقول الأمريكيون... على نهج بنعلي قام مبارك بإقالة حكومته، وعمد الرئيس الشيخ، الذي رفض خلال 30 سنة تعيين نائب له في رئاسة الجمهورية، إلى تعيين شيخ آخر اسمه عمر سليمان، يبلغ من العمر 73 سنة كان مديرا لمخابراته، كما كلف عسكريا آخر عمره 69 سنة، هو أحمد شفيق، بتشكيل الحكومة، ظنا منه أن هذا الفتات سيشبع بطن الثورة الجائع. إنها محاولة للاحتماء بالمؤسسة العسكرية بعد أن فشلت المؤسسة الأمنية في حماية النظام المصري، فمبارك مازال يفكر بالطريقة ذاتها التي أوصلته والبلاد إلى الباب المسدود، وهذا طبيعي ومنطقي جدا، فالحاكم الذي يبلغ من العمر 83 سنة، والذي رفض أجندة الإصلاحات لمدة 30 سنة، لا يمكنه أن يصبح ديمقراطيا في أربعة أيام، هي عمر ثورة النيل، التي ولدت وكبرت على مدار عقود من الزمن على نار الفقر والتهميش وكبت الحريات وتزوير الانتخابات، وإطلاق يد الفساد في أرزاق الناس، ثم إهانة كرامة المصري بالحديث عن توريث الحكم في نظام جمهوري.
مبارك اليوم انتهى ونظامه تفكك، وزلزال القاهرة سيزعزع الكثير من الترتيبات السياسية والاستراتيجية في المنطقة. والجامعة العربية مقبلة على أكبر حدث في تاريخها، لأن جل أنظمتها تعاني من نفس أمراض نظامي بنعلي ومبارك. ما الذي حدث حتى خرج المارد من القمقم؟.. الذي حدث، بكل بساطة، أن حاجز الخوف الذي كان يحرس هذه الأنظمة قد سقط، وأن تونس قدمت مفاتيح حل هذا الباب.
إن الشباب العربي الذي عاش ويعيش في مناخ من اليأس، وكبت الحريات، وانعدام فرص الشغل، وغياب التوازن الاجتماعي، وثقل اليد الغليظة للأمن والمخابرات، وتزوير الانتخابات، وحكم العائلات الأوليغارشية... إن هذا الشباب الذي يجد نفسه عاجزا اليوم عن تغيير واقعه وصنع مستقبله، ويعيش ازدواجية خطيرة ما بين حقائق العصر في المجتمع الافتراضي على النت ومرارة القرون الوسطى في المجتمع الحقيقي على الواقع. إن شبابا مثل هذا ليس أمامه سوى قلب الطاولة بما فيها وعلى من فيها، فلم يعد هناك شيء يخاف عليه، وصلت خساراته وإحباطاته إلى القاع، وإذا لم يتحقق التغيير بواسطة هذا المسلسل التونسي فقد ربح، على الأقل، شرف المحاولة.. هكذا يقول الشباب اليوم في القاهرة وتونس والخرطوم وعمان ودمشق وطرابلس ونواكشوط وغيرها من العواصم العربية.
الغرب اليوم مصدوم من وقع المفاجأة، لم يتصور ساسته ومفكروه ومخططوه الاستراتيجيون أن يأتي يوم يدخل فيه العرب إلى كتاب الثورات العالمية، ولم يتصوروا أن تأتي الثورة محمولة على أكتاف جيل الأنترنت وليس فوق رؤوس الإسلاميين أو القوميين أو اليساريين ... ستخسر أمريكا وأوربا الكثير الكثير من مصالحهما في هذه البقعة الجغرافية ثمنا لدعمهما للدكتاتوريات العربية المناهضة لأجندة الإصلاحات. لقد أخطأ الغرب عندما تصور أن الاستقرار يمر حتما من استفراد الحاكم العربي بالسلطة والثروة، وأغفل أن الاستقرار الحقيقي هو الديمقراطية ودولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان وتقديس الحرية والتعددية والانفتاح، في الغرب كما في الشرق.. لا فرق.
لأول مرة يجد العرب أنفسهم يعيشون إلى جانب الأوربيين والأمريكيين وغيرهم من الأمم في عصر واحد، لأول مرة يجد العرب أنفسهم يتكلمون لغة يفهمها العالم المتقدم، فلزمن طويل ونحن نتكلم لغة الخصوصيات الزائفة، ولوقت طويل كنا نعيش في متاحف التاريخ الغابر والعالم لا يزورنا إلا عندما يريد أن يرى كيف عاش أجداده في زمن الملكيات المطلقة وعصور الاستبداد الغابر
علق مصري بسيط أمام كاميرات التلفزة على ما يجري في القاهرة من ثورة عفوية على دكتاتور النيل بالقول: «هذا هو أول مسلسل تونسي يعرض في القاهرة»، في إشارة ساخرة ومعبرة في آن إلى تأثر المصريين بثورة التونسيين ضد الرئيس المخلوع زين العابدين بنعلي.
مئات الآلاف من المصريين جلهم شباب يصرخون منذ 5 أيام بصوت واحد في كل أصقاع البلاد: «مبارك ارحل»، ومبارك لم يفهم الرسالة بعد، مازال مصرا على اللعب في الوقت الضائع، ومازال لم يستوعب بعد الحقيقة المرة والعارية وهي أن اللعبة انتهت، كما يقول الأمريكيون... على نهج بنعلي قام مبارك بإقالة حكومته، وعمد الرئيس الشيخ، الذي رفض خلال 30 سنة تعيين نائب له في رئاسة الجمهورية، إلى تعيين شيخ آخر اسمه عمر سليمان، يبلغ من العمر 73 سنة كان مديرا لمخابراته، كما كلف عسكريا آخر عمره 69 سنة، هو أحمد شفيق، بتشكيل الحكومة، ظنا منه أن هذا الفتات سيشبع بطن الثورة الجائع. إنها محاولة للاحتماء بالمؤسسة العسكرية بعد أن فشلت المؤسسة الأمنية في حماية النظام المصري، فمبارك مازال يفكر بالطريقة ذاتها التي أوصلته والبلاد إلى الباب المسدود، وهذا طبيعي ومنطقي جدا، فالحاكم الذي يبلغ من العمر 83 سنة، والذي رفض أجندة الإصلاحات لمدة 30 سنة، لا يمكنه أن يصبح ديمقراطيا في أربعة أيام، هي عمر ثورة النيل، التي ولدت وكبرت على مدار عقود من الزمن على نار الفقر والتهميش وكبت الحريات وتزوير الانتخابات، وإطلاق يد الفساد في أرزاق الناس، ثم إهانة كرامة المصري بالحديث عن توريث الحكم في نظام جمهوري.
مبارك اليوم انتهى ونظامه تفكك، وزلزال القاهرة سيزعزع الكثير من الترتيبات السياسية والاستراتيجية في المنطقة. والجامعة العربية مقبلة على أكبر حدث في تاريخها، لأن جل أنظمتها تعاني من نفس أمراض نظامي بنعلي ومبارك. ما الذي حدث حتى خرج المارد من القمقم؟.. الذي حدث، بكل بساطة، أن حاجز الخوف الذي كان يحرس هذه الأنظمة قد سقط، وأن تونس قدمت مفاتيح حل هذا الباب.
إن الشباب العربي الذي عاش ويعيش في مناخ من اليأس، وكبت الحريات، وانعدام فرص الشغل، وغياب التوازن الاجتماعي، وثقل اليد الغليظة للأمن والمخابرات، وتزوير الانتخابات، وحكم العائلات الأوليغارشية... إن هذا الشباب الذي يجد نفسه عاجزا اليوم عن تغيير واقعه وصنع مستقبله، ويعيش ازدواجية خطيرة ما بين حقائق العصر في المجتمع الافتراضي على النت ومرارة القرون الوسطى في المجتمع الحقيقي على الواقع. إن شبابا مثل هذا ليس أمامه سوى قلب الطاولة بما فيها وعلى من فيها، فلم يعد هناك شيء يخاف عليه، وصلت خساراته وإحباطاته إلى القاع، وإذا لم يتحقق التغيير بواسطة هذا المسلسل التونسي فقد ربح، على الأقل، شرف المحاولة.. هكذا يقول الشباب اليوم في القاهرة وتونس والخرطوم وعمان ودمشق وطرابلس ونواكشوط وغيرها من العواصم العربية.
الغرب اليوم مصدوم من وقع المفاجأة، لم يتصور ساسته ومفكروه ومخططوه الاستراتيجيون أن يأتي يوم يدخل فيه العرب إلى كتاب الثورات العالمية، ولم يتصوروا أن تأتي الثورة محمولة على أكتاف جيل الأنترنت وليس فوق رؤوس الإسلاميين أو القوميين أو اليساريين ... ستخسر أمريكا وأوربا الكثير الكثير من مصالحهما في هذه البقعة الجغرافية ثمنا لدعمهما للدكتاتوريات العربية المناهضة لأجندة الإصلاحات. لقد أخطأ الغرب عندما تصور أن الاستقرار يمر حتما من استفراد الحاكم العربي بالسلطة والثروة، وأغفل أن الاستقرار الحقيقي هو الديمقراطية ودولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان وتقديس الحرية والتعددية والانفتاح، في الغرب كما في الشرق.. لا فرق.
لأول مرة يجد العرب أنفسهم يعيشون إلى جانب الأوربيين والأمريكيين وغيرهم من الأمم في عصر واحد، لأول مرة يجد العرب أنفسهم يتكلمون لغة يفهمها العالم المتقدم، فلزمن طويل ونحن نتكلم لغة الخصوصيات الزائفة، ولوقت طويل كنا نعيش في متاحف التاريخ الغابر والعالم لا يزورنا إلا عندما يريد أن يرى كيف عاش أجداده في زمن الملكيات المطلقة وعصور الاستبداد الغابر
منقول